دولي //
يستقبل اللبنانيون اول ايام السنة الجديدة بمزيد من الإحباط واليأس من اي حلول تنتشلهم من بؤرة العذاب اليومي والمعاناة المتمادية بسبب استهتار المسؤولين عنهم ومواصلة عنادهم ومكابرتهم وحرصهم على مصالحهم الخاصة وعدم مبادرتهم الى وقف هذا المسلسل الدرامي الذي دفع المواطن ثمنه من اعصابه وصحته وماله.
وكتبت صحيفة “اللواء” اليوم السبت بينما تذهب الامور بسبب عطلة الاعياد التي تمتد الى ما بعد عيد، والى مزيد من التأجيل والمماطلة والاشتباك السياسي المقيت، الذي يهدد بمخاطر انفلات امني ومجتمعي اوسع وتجاهل تام من الناس لوجود السلطة ومؤسسات الدولة التي ترهلت حتى الذوبان. في حين تتجه البلاد مجددا الى العتمة الاوسع بعد الخلاف بين وزارة المال ووزارة الطاقة على الاعتماد المطلوب من مصرف لبنان تأمينه لزوم شركة كهرباء لبنان لتشغيل معامل انتاج الكهرباء.
والى مزيد من الانهيار يتجه القطاع التربوي – بعد القطاع الصحي- حيث ان بداية العام 2023 قد تشهد اضرابات للمعلمين في المدارس الرسمية والخاصة، وربما يتحرك اساتذة الجامعة اللبنانية ايضاً، فبعد صرخة أساتذة القطاع الرسمي وتهديدهم بالإضراب، أطلق أساتذة القطاع الخاص إنذاراً، حيث اعتبر نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوظ في مؤتمر صحافي ان اكمال العام الدراسي يلزمه مقومات الحد الادنى للحياة»، وحدد مهلة «تنتهي في الثامن من كانون الثاني المقبل». وقال: نحن سنكون بحل من الوعد الذي قطعناه على انفسنا باكمال العام الدراسي.
ومع ذلك ثمة من لا زال يبيع الامل بالرهان على تحرك سياسي مطلع العام المقبل قد يصل الى تسوية حول رئاستي الجمهورية والحكومة وبرنامجها، بينما توحي الاشتباكات والسجالات السياسية والاعلامية بأن كل ابواب الحلول ما زالت موصدة ولا يملك أحد مفتاحها، ولعلها باتت تحتاج الى ثورة اجتماعية صاخبة تقلب الموازين والمعادلات السوداء، او عصا خارجية غليظة تؤدب الخارجين عن ارادة الناس الراغبين بالراحة والاستقرار والحياة الكريمة.
وترددت معلومات عن تحرك ما سيقوم به رئيس المجلس نبيه بري بعد الاعياد، لكن ليس مجرد الدعوة الى الحوار الذي تم تفشيله، لكن قد يقوم بمبادرة ما تحرك المياه الراكدة وتخلق نوعا من النقاش، كما يجري الحديث عن مسعى لدى نواب المعارضة من الاحزاب التقليدية والمستقلين والتغييريين في محاولة جديدة للتوافق على اسم او اسمين لرئاسة الجمهورية. لكن لا شيء واضحاً بعد ولا توجد حركة بارزة بين هؤلاء النواب للوصول الى مثل هذا التوافق.
وقالت مصادر” هناك مسعى واتصالات لكنها لم تصل الى بلورة اي اقتراح او حل والمحاولة مستمرة.
وحتى الرهان على تحرك فرنسي ما بات في علم الغيب، بعد تمنع الرئيس الفرنسي عن زيارة لبنان بسبب عدم تجاوب المسؤولين الرسميين والسياسيين مع الاجراءات الواجبة للإنقاذ، مع انه أعلن التحضير لإجتماع رباعي فرنسي – اميركي – سعودي- قطري في باريس لبحث المخارج للازمة اللبنانية لم يتبلور شيء حوله بعد، فيما ينتظر الجميع ما سيحمله وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان لوكورنو الذي وصل الى بيروت.
وكتبت صحيفة الانباء يطوي اللبنانيون آخر أيام العام 2022، ليبدأوا يوم غد عامهم الجديد، والذي سيحمل أوزار ما خلّفته السنة الحالية، من فراغ سياسي وشلل مؤسساتي وانهيار اقتصادي وتدهور اجتماعي. من غير المرتقب أن يتغيّر الواقع اللبناني مطلع العام، لأن الإشارات بمجملها توحي بأن الانسداد سيّد الموقف، والمسافات تتباعد بين الأطراف رغم محاولات تقريب وجهات النظر، ما يعني أن المرواحة مستمرة إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً.
ولا تحتاج الصورة لمنجّمين أو عالمي غيب، فالوقائع واضحة، ولبنان يتّجه نحو مزيد من التأزّم مع ارتفاع نسب الفقر والبطالة على إثر انكماش الاقتصاد، واستمرار الشلل السياسي، وهنا، من الضروري الإشارة إلى أن الملفات بأكملها مرتبطة بالسياسة، وحالما يتّخذ المسؤولون قراراً بانجاز الاستحقاقات الدستورية والإصلاحات، تعود البلاد إلى السكّة الصحيحة، وكل كلام عن ترقيعات موضعية لا نتائج إيجابية مرجوّة منها.
إلى ذلك، أشار رئيس المجلس الاقتصادي الاجتماعي، شارل عربيد، إلى أن العام المقبل من المتوقع أن يحمل المزيد من التراجع الاقتصادي والانكماش، طالما أن الأفق في السياسة مسدود، وهذا ما سيعني ارتفاع نسب الفقر والبطالة.
ولفت عربيد إلى أن الاقتصاد مريض، يعاني ويرزح تحت الواقع السياسي، وهو مرتبط به بشكل وثيق، وبالتالي الحلول بالسياسة، والمطلوب تنفيذ الخطط والمشاريع الاصلاحية، وإلّا المزيد من التخبط الاجتماعي مرتقب.
مع نهاية هذا العام، يبقى باب الحل الوحيد في التوجّه نحو انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت، لتدارك الواقع الصعب، وذلك من خلال تقريب وجهات النظر والاتفاق على اسم بعد الحوار، وإلّا فالآتي أسوأ.