“انني تلقيت رسالة تهديد من اميركا، لقد هددت اميركا باسقاط حكومتي لانني رفضت اقامة قواعد عسكرية لها على ارضنا وقد طلبت من وزير خارجيتنا انه ومع ازدياد التوتر فان عليه تعزيز العلاقات مع الدول الصديقة.. ان الشعب المسلم لايمكن ان يصبح عبداً للاجانب واذا ما صوت البرلمان على عزلي ، فانني لست فقط لن استقيل، بل وارجع بقوة اكبر فاننا نتعرض لمؤامرة دول اجنبية ، لكننا سنقاوم ولن نستسلم لها وسنقوم باسقاطها باذن الله”، هذا الكلام الصريح والشفاف هو لرئيس الوزراء الباكستاني عمران خان.
الغضب الامريكي ضد خان، جاء بعد ان سجل مواقف متقاربة مع روسيا التي زارها مع بداية حرب أوكرانيا، ورفض إدانتها، وهاجم ازدواجية الغرب، كما رفض السماح لأمريكا ببناء قواعد عسكرية في باكستان، لذلك اعطت امريكا الضوء الاخضر، للمعارضة للإطاحة به.
اللافت ان الغضب الامريكي ضد خان لم ينحصر في استخدام “اللعبة الديمقراطية” وفقا للقياسات الامريكية، حيث تعالت الاصوات المحذرة من تدخلات أمريكا، عبر شراء الذمم لشراء الأصوات بهدف الوصول للعدد المطلوب (172صوتا ) للإطاحة بخان، بل تعداها تهديد خان بالتصفية الجسدية، كما اعلن الاخير في مقابلة بأن حياته في خطر، وأن ثمة جماعة يعرفها تخطط لاستهدافه في لندن.
على المستوى الدبلوماسي وفي تأكيد اضافي على التدخل الامريكي السافر في الشأن الباكستاني، استدعت الخارجيّة الباكستانيّة، القائم بأعمال السفير الأمريكي، للاحتجاج على دعم امريكا مساعي الإطاحة بعمران خان.
وعلى المستوى الشعبي، تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي، وجود دعوات لخروج مظاهرات شعبية داعمة لرئيس الوزراء عمران خان، واعتماد شعار “الموت لأمريكا”، بعد ان اعلن خان، انه تلقى تهديدات من أمريكا، لعزله او تصفيته.
يبدو ان استخدام المعارضة، لسوء الإدارة الاقتصاديّة، وارتفاع التضخم، وضعف العملة المحلية، كذريعة لعزل خان، لم تنطل على الشعب الباكستاني، فالأزمة الاقتصادية التي تعصف بباكستان لم تكن وليدة حكومة خان، الا ان امريكا تسعى للإتيان بحكومة خانعة، وتابعة، تنفذ الاجندات الامريكية دون نقاش او اعتراض.
ان تلويث امريكا للديمقراطية، في الدول العربية والاسلامية، بهدف استخدامها كوسيلة لتنفيذ مآربها، لم يعد امرا خفيا، فهي تستغل ضعف النفوس وكذلك عملاءها، في هذا الديمقراطيات، عبر المال وتحريك الشارع، لاسقاط الحكومات والشخصيات الوطنية في الدول التي تعترض على سياساتها او ترفض تدخلها في شؤونها الداخلية، ولا يحتاج المرء ان يبذل جهدا كبيرا ليقف على نماذج من هذه المؤامرات والمخططات الامريكية ضد شعوب العالم الثالث وحتى الشعوب الاوروبية، وكان لباكستان نصيب الاسد من هذه المخططات، حيث لم يكمل اي رئيس وزراء باكستاني دورته، منذ زمن طويل، فأما ان يتم تصفيته جسديا واما عزله واسقاطه، فقد قررت امريكا الا تشهد باكستان، الدولة النووية الاسلامية الوحيدة، استقرارا سياسيا ، مهما كلف الامر.