بقلم// مانع الزاملي
لم يبقى الكثير من الوقت لكي يطل علينا شهر رجب المرجب ،الذي هو من الاشهر الحرم الاربعة (عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدَّيْنُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ …) وكانت الجاهلية قبل الاسلام تعظم هذه الاشهر ! وكان لسماحة شهيدالمحراب مشاركات في المؤتمرات الفكرية والندوات الدولية وله بحوث في التفسير والفقه، والتاريخ ،والاقتصاد،والسياسة ، والاجتماع ،والفكر الاسلامي ،
ترأس المجلس الاعلى لمجمع التقريب بين المذاهب الاسلامية ، وكان عضوا بهيئة امناء جماعة المذاهب الاسلامية،كما شغل موقع نائب رئيس المجلس الاعلى للمجمع العالمي لأهل البيت ، وكان عضوومؤسس لجامعةاهل البيت ، وصدرت له كتب في مجالات مختلفة على الصعيد العلمي والسياسي ،
وكان رحمه الله من اوائل المعارضين لنظام العصابة العفلقية بقيادة المقبور صدام ابن ابيه ، وكرس كل وقته وجهده في خدمة مرجعية والده الامام الحكيم فكان يقوم بالنشاطات الاجتماعية ويزور المدن ويلتقي بالجماهير ،وترأس البعثة الدينية لوالده الامام الحكيم (ره) الى الحج لمدة تسع سنوات،
كان شهيد المحراب جادا ومضحيا ومقداما ضد زمرة البعث الصدامي اللعين،واسس المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق ، وانضمت تحت لواء المجلس كل الحركات الاسلامية المعارضة لنظام البعث، وكان قائدا عاما للقوات الاسلامية العراقية وفي طليعتها تشكيل بدر الذي كان اقوى قوة عسكرية منظمة تضم خيرة ضباط وجنود ومجاهدي العراق ، وطور من هذا التشكيل ليصبح قوة نظامية منضبطة وفق قوانين مهنية وشرعية ، مما عزز من مكانت بدر بسبب رمزية آل الحكيم وتاريخهم الجهادي والعلمي المعروف للجميع، كان شهيد المحراب نقطة استقطاب وجذب لكل الحركات الثورية ،وبفعل عقله النير وسعة افاق تفكيره ، تغاضى عن كل امر يعترض مسيرته العظيمة بقوله ( الان نحن في مواجهة مع نظام صدام المجرم ، ولاينبغي ان نشتت جهودنا وافكارنا بأمور لاتصب في تحقيق هدفنا ف في اسقاط حكم البعث ) وكان طموحه عند عودته وعبر عن ذلك في خطبه مع الناس عام 2003 بعد سقوط الطاغية وكان يصر على امرين مهمين هما اطاعة المرجعية ووصفها بمصدر عزتنا وكرامتنا وثانيهما وحدة الكلمة بين ابناء الشعب العراقي وطوائفه وقومياته واقلياته، وتأسيس نظام حكم عادل يشترك فيه الجميع وحذر من عودة المعادلة الظالمة التي سادت لقرون في حكم العراق ،وكان يغلب على سلوكه التسامح وكظم الغيض والمحبة للجميع ، وهذين الامرين اعني بهما اطاعة المرجعية الرشيدة ووحدة الكلمة، جعلت منه مصدر خطر كبير ضدالاجندات الخارجية والداخلية، فلذلك خططت قوى الظلام الهمجية للخلاص من هكذا كبير في شخصه وفي مشروعه، مما جعلهم ان يقترفوا جريمة قتله وهو يهم بالخروج من حرم جده امير المؤمنين بعد اداءه صلاة الجمعة، مما ترك جرحا عميقا في نفوس العراقيين وغير العراقيين في العالم حكومات وشعوب لما له (ره) من مكانة في قلوب الناس ، لست مغاليا اذا قلت ان فقدان شهيد المحراب اضاع اكبر خيار بيد العراق والاحرار من العراقيين لتطوير وانقاذ بلدهم ! لست مبالغا اذا قلت لو ان سماحته بقي حيا لما آلت الامور الى مانحن عليه !
ان الاستكبار يدرك جيدا موقع العظماء لذلك يستهدفهم دائما وشواهد التاريخ وحوادث ناطقة بهذا التصور الخبيث، شهيد المحراب رغم علميته ومكانته كان يقول بأعلى صوته (أقبِل ايدي المراجع جميعا ) وهذا هو انبل موقف يسجل لكبير مثله رضوان الله تعالى عليه، الحكيم الشهيد كان علما رغم شدة تواضعه، كان شرسا وقويا بمواقفه ضد الاعداء رغم مايظهر عليه من سكينة ووقار ، وكالعادة نحن قوم لانعرف قيمة عظماءنا الا بعد خلو مكانهم بالموت او الشهادة ! ومضى شهيد المحراب مظلوما في حياته وبعد استشهاده من الذين لا ضمير ولادين ولا وجدان ولانزاهة ، ويكفيه فخرا ان اعداءه مثل هؤلاء الارجاس ، فسلام عليك سيدي في حياتك وفي جهادك وصبرك وفي استشهادك ويوم تبعث حيا.