تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » posts » بيان المجلس الأعلى في يوم الشهيد العراقي وذكرى استشهاد شهيد المحراب آية الله السيد محمد باقر الحكيم

بيان المجلس الأعلى في يوم الشهيد العراقي وذكرى استشهاد شهيد المحراب آية الله السيد محمد باقر الحكيم

  • بواسطة

المكتب الاعلامي /

بسم الله الرحمن الرحيم
“الحمدُ لله رب العالمين والصلاة والسلام على الرسول الأمين المبعوث رحمةً للعالمين محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين”

نبارك لكم جميعاً حلول شهر رجب ، شهر الله العظيم الذي لا يقاربه شهر من الشهور حرمة وفضلاً، وسمي بالأصب لان الرحمة تصب فيه صباً على الأمة . ونبارك لكم ولادات أئمة الهدى التي تصادف في هذا الشهر المبارك وهم: أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب، ومحمد بن علي الباقر ، ومحمد بن علي الجواد، وعلي بن محمد الهادي عليهم السلام ، سائلين الله تعالى ان يشملنا بالرحمة والمغفرة في هذا الشهر ويجعلنا من المستغفرين.

الاخوة والاخوات الاعزاء السلام عليكم ورحمة الله
قال تعالى في كتابه العزيز (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ).
تحل علينا هذه الأيام ذكرى الاول من رجب ، يوم الشهيد العراقي ، هذا اليوم الذي أصبح علامةً فارقة في تاريخ بلدنا وشعبنا وأمتنا حيث امتدت الآيادي الآثمة لتغتال العالم الرباني والقائد الكبير آية الله العظمى “السيد محمد باقر الحكيم” لتعرج روحه الطاهرة الى بارئها وهو ممزق الجسد ، بعد ان قضى حياته الشريفة عالماً ومفكراً وقائداً وثائراً ومدافعاً عن بلده وشعبه وأمته مقتدياً بسيرة جده المصطفى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم والائمة الهداة الميامين عليهم السلام.
ونحن إذ نؤبن شهيد المحراب في ذكرى شهادته لا بد أن نستذكر المواقف والخدمات الكبيرة التي قدمها للوطن والشعب والأمة ، فقد عمل رضوان الله تعالى عليه بكل اخلاص وتفاني من أجل خلاص الشعب العراقي من الظلم والتعسف والدكتاتورية، متحملاً أعباء المسؤولية الشرعية والوطنية ومقدماً في سبيل ذلك التضحيات ووقف شامخاً متحدياً الطغمة الصدامية التي أقدمت على قتل العشرات من اسرة آل الحكيم في محاولة بائسة لثنيه عن مواصلة طريق الجهاد والمواجهة ، لكنه صرخ باعلى صوته ” هيهات منا الذلة ” متأسياً بإمامه وجده وقائده “الأمام الحسين عليه السلام” حتى انه أصبح عنواناً جامعاً لكل شهداء العراق.
وكان رضوان الله تعالى عليه يحمل هم العراق في حله وترحاله وبذل في سبيل خدمة القضية العادلة للشعب العراقي كل غالٍ ونفيس حتى ختم حياته بالشهادة.
أيها الاخوة والأخوات
ونحن إذ نعيش ذكرى شهادته، ينبغي علينا ان نتزود من فكره الثاقب النير، ومواقفه الصلبة، وحسن قيادته وتدبيره في التعامل مع الوقائع والأحداث و استطاع بحكمته وشجاعته ان يضع لنا خارطة طريق ما احوجنا اليوم وفي ظل الظروف الصعبة والمعقدة التي نمر بها أن نلتزم بها ، ولقد كان رضوان الله تعالى عليه يستشرف المستقبل في كل خطبه واحاديثه وتوجيهاته ، حيث وضع لنا الأسس والمبادئ ودعانا الى الالتزام بها، وفي مقدمة ذلك تأكيده دائماً على أهميه الالتفاف حول المرجعية الدينية العليا وقد قال في أكثر من مناسبة “ان المرجعية الدينية أفضل مؤسسة تمكنت من تقديم خدمات كبرى للأسلام والمسلمين بصورة عامة والى جماعة أهل البيت عليهم السلام بصورة خاصة، فقد تمكنت المرجعية على مر العصور من أن تحافظ على الاسلام الأصيل النقي في عقائده وقيمه ومفاهيمه ومنابعه الاصيلة”
كما أن سماحته يعتبر الوحدة الاسلامية من أهم مستلزمات الوقوف بوجه الصراع مع أعداء الإسلام وأوصانا بضرورة الإلتزام بها مؤكداً أن من أهم أساليب الوحدة بين المسلمين هو وضع أسس التعايش الإجتماعي بينهم على إختلاف قومياتهم وشرائعهم ومذاهبهم واتجاهاتهم السياسية والفكرية.
وكان سماحته يؤكد أيضاً على ضرورة تغليب المصلحة العامة للأمة والشعب والجماعة على المصالح الشخصية الفئوية وهي قضية جوهرية و أساسية في الظروف الراهنة التي نعيشها.
أيها الأخوة والأخوات
إن الإحتفاء بيوم الشهيد العراقي يجعلنا أكثر عزماً وتصميماً على مواصلة درب إلشهداء وإقتفاء اثرهم ، واليوم ونحن نعيش هذه الذكرى الأليمة لا بد أن نؤكد على ان مدرسة الجهاد والشهادة هي التي حفظت وحدة البلاد وسيادتها، وهي التي ألهمت روح الحماس والفداء والتضحية عند العراقيين الذين اندفعوا بحماس منقطع النظير الى جبهات القتال والحرب إمتثالاً لفتوى الجهاد الكفائي التي أطلقها المرجع الكبير آية الله العظمى “السيد علي السيستاني” دامت بركاته ليسطروا أعظم الملاحم في البطولة والتضحية وحققوا لشعبنا نصراً تاريخياً أثار اعجاب كل الأمم والشعوب.
اننا وبهذه المناسبة وانطلاقاً من ثوابتنا الدينية والوطنية وفي ظل الظروف الصعبة والمعقدة التي يمر بها بلدنا وشعبنا العزيز نؤكد على جملة من القضايا نعتبرها في غاية الاهمية لمسها المباشر بحاضر ومستقبل شعبنا وإستقراره ورفاهيته وهي:

  1. لا بد من العمل الجاد والمخلص لتثبيت دعائم مشروع بناء الدولة القوية المقتدرة وفق رؤية وطنية شاملة لإدارة العملية السياسية والدولة وتحديد مساراتها التي ينبغي أن تكون مقبولة عند جميع فعاليات ومكونات المجتمع العراقي وبعيداً عن سياسات لَي الأذرع وفرض الارادات، ومن موقع الشعور بالمسؤولية ندعوا الى مؤتمر وطني هدفه وضع المسارات الصحيحة للعملية السياسية وحل المشاكل الراهنة بما يضمن وجود حكومة وطنية منسجمة وقادرة على أداء دورها في قيادة البلد نحو الأمن والاستقرار وخدمة المواطن.
  2. أولويات عمل الحكومة القادمة ينبغي ان تكون واضحة وعليها أن تقدم برنامجاً شاملاً لمعالجة التدهور الحاصل في قطاعات مهمة مثل التربية والصحة وفرص العمل للخريجين والعاطلين. وعليها ان تخصص الاموال الكافية من ميزانية الدولة لتحقيق طفرة نوعية في قطاعي التربية والصحة وسائر القطاعات الأخرى.
  3. على الحكومة ومجلس النواب ومؤسسات الدولة ان تعمل وفق رؤية اقتصادية شاملة، وسن قوانين جديدة للاستثمار الوطني في مختلف قطاعات الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل الوطني ، وعدم الاعتماد فقط على واردات النفط ، كما ينبغي عليها أن تعزز الأمن والاستقرار في البلاد لأنه هو الأساس للنهضة الاقتصادية والعمرانية وهذا يتطلب تقوية الأجهزة الامنية… وحسم قضية السلاح خارج نطاق الدولة.
  4. لقد كانت وما زالت آفة الفساد هي العقبة الأساسية أمام التقدم والتطور ولذا ينبغي العمل بكل جدية و اخلاص لمحاربة هذه الآفة وعلى السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية وضع خطط عمليه في هذا الجانب وتقديم كل من يثبت عليه الفساد الى المحاكمة العادلة، بالإضافة الى ضرورة الفصل بين السلطات الثلاث مما يجعل القضاء مستقلاً و بعيداً عن التدخلات السياسية حتى يؤدي دوره بشكل فاعل.
  5. لا بد من تقديم رؤية للثقافة الوطنية الجامعة الملهمة للشباب ، ويدخل في ذلك محاربة كل أشكال الفساد والإنحراف الأخلاقي، والهدف من ذلك هو صناعة شخصية عراقية ملتزمة و مسلحة بالثقافة والوعي، وتكون نموذجاً وقدوة للآخرين.
  6. إن الظروف الصعبة التي نمر بها اليوم تستدعي منا جميعاً ان نكون بمستوى المسؤولية ولاخيار أمامنا إلا توحيد الكلمة ونبذ الخلافات فقوتنا في وحدتنا، وهي السلاح الامضى في مواجهة العدو، وإنقاذ البلاد من المؤامرات التي تستهدف سيادتها ووحدتها أرضاً وشعباً. وتصبح أهمية وحدة الكلمة عند البيت الشيعي مطلباً جوهرياً وأساسياً وعلى كافة القوى الشيعية أن تعمل بكل إخلاص على تقوية الصف الشيعي ووضع مصالح الشيعة والوطن عموماً فوق كل إعتبار.
  7. المحافظة على سيادة البلاد ووحدتها وهذا لن يتحقق إلا من خلال خروج كافة القوات الاجنبية تنفيذاً لما قرره مجلس النواب في قراره الصادر في 5/1/2020 واحتراماً لإرادة الشعب الذي خرج بمسيرات مليونية في مناسبات عدة طالبت باخراج القوات الاجنبية من بلادنا .
  8. الحشد الشعبي هو جزء من القوات المسلحة العراقية وقد أدى دوراً حاسماً في تحقيق النصر على عصابة داعش وما زال يقوم بواجبه الوطني في حفظ الحدود والأراضي وملاحقة فلول الإرهاببين الذين يحاولون القيام بعمليات إرهابية ضد قواتنا المسلحة كما حصل اخيراً في منطقة العظيم في محافظة ديالى وعليه ينبغي المحافظة عليه وإفشال أية محاولة ترمي الى اضعافه ومنعه من أداء دوره الوطني الهام .
  9. ان المنطقة تمر بظروف وتطورات خطيرة وإن العراق يقع في قلب هذه التطورات وهذا يستدعي من الجميع حكومة وشعباً ومجلس نواب وقوى وطنية العمل على رسم سياسة خارجية هدفها استقرار المنطقة وايجاد صيغ للتعاون البناء فيما بين دولها بدون تدخل خارجي في شؤونها الداخلية ، وكذلك مواجهة سياسات التطبيع مع الكيان الصهيوني ،والعراق يلعب دوراً فاعلاً في تقريب وجهات النظر. كما ان الأوضاع على الساحة الدولية تشهد صراعات حادة لها تأثيرات سلبية على الاستقرار والسلم في العالم وهذا يستلزم وضع نظام عالمي جديد يرسم للإنسانية مستقبلاً زاهراً بعيداً عن سياسات الغطرسة والهيمنة والتدخلات السافرة لشؤون الدول.

الاخوه والاخوات الكرام
ان من الوفاء لشهيد المحراب وسائر شهداء العراق هوالعمل على تخليد ذكراهم وبيان مآثرهم ومواقفهم وبطولاتهم لتبقى حية في قلوب المؤمنين والمجاهدين وحتى تتعلم منهم الأجيال الحاضرة والاجيال القادمة وتتربى في مدرستهم، مدرسة الجهاد والمقاومة والتضحيات.
لذلك فان دماء الشهداء تدعونا الى الوحدة والتكاتف والاصطفاف خلف مرجعيتنا العليا التي هي صمام أمان البلد وشعبنا ولاخيار أمامنا إلا توحيد الكلمة والسير على نهج الشهداء لأنهم نجوم ساطعة نهتدي ونسترشد بها من أجل بناء عراق قوي ومقتدر، يعيش فيه ابناؤه في ظل الامن والاستقرار والرفاه والازدهار.

“سيدنا أبا صادق” ما زال مشروعكم في قيام دولة كريمة قوية مقتدرة لم يحقق كل اهدافه ونحن مصممون وجادون للأستمرار في هذا الطريق وإكماله الى آخر الشوط حتى ولو كلف ذلك حياتنا .. وقد قلناها إننا على خطاكم سائرون وإننا ماضونَ في تحقيق أهدافكم وهي أهداف الشعب العراقي الأبي، فلتتوحد الكلمة ، ولتصفو القلوب ولتشتد العزائم من أجل تحقيق مشروعكم في بناء دولة عادلة وقوية ومستقلة.
وختاماً نقول نَم قرير العين يا أبا صادق سائلين الله تعالى أن يحفظ شعبنا وبلدنا من كل سوء وبلاء ووباء ، وأن يتغمد شهدائنا بالرحمة والرضوان
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المجلس الأعلى الأسلامي العراقي
2022/2/2