موقع isci //
أوضحت المحكمة الاتحادية العليا، اليوم الجمعة، تفاصيل قرارها بشأن اتفاقية خور عبد الله، فيما تحدث عن ملف الفساد.
وقال رئيس المحكمة القاضي جاسم محمد عبود، في مقابلة مع الوكالة الرسمية، إن “نظام الحكم في العراق بعد 2003 يختلف تماماً عن النظام قبل هذا العام، حيث كان النظام قبل 2003 فردياً ويقوم على أساس حكم الفرد، وامتزاج شخصية الحاكم بشخصية الدولة، فكان الحاكم في ذلك الوقت يعدّ نفسه بأنه الدولة، والمواطنون هم رعايا للحاكم، وليسوا رعايا الدولة”، مبيناً أن “الحاكم في ذلك الوقت كان غير مسؤول، وهذا شأن كل أنظمة الحكم الفردية في العالم”.
وأضاف أنه “بعد النظام المرير والتضحيات الكبيرة بعد 2003 وزوال النظام السابق، العراق أنجز وثيقة دستورية مهمة جداً، وهو دستور جمهورية العراق لعام 2005″، مشيراً الى أنه “بموجب هذا الدستور فإن نظام الحكم في العراق وفق المادة 1 من الدستور لعام 2005 هو جمهوري نيابي برلماني ديمقراطي، وأن هذا الدستور ضامن لوحدة العراق، وبالتالي فإن الغاية من الدستور هي كيفية إيجاد حكم ديمقراطي يعمل على أساس مبدأ الفصل بين السلطات وفق ما جاء في المادة 47 من الدستور لمصلحة الشعب وضمان وحدة العراق “.
وذكر أن “الدستور وبموجب المادة 2 منه نص على أن العراق بلد متعدد القوميات والأديان والطوائف، وهو عضو مؤسس وفعال في جامعة الدول العربية، وملتزم بميثاقها، وهو جزء من العالم الإسلامي، وبموجب الدستور تعتبر اللغة العربية واللغة الكردية لغتان رسميتان بموجب الدستور، ويمكن أنه لكل محافظة أو أكثر بالنسبة للمحافظات غير المنتظمة في إقليم أن تكون إقليماً، ولكن ضمن إطار مبدأ الحفاظ على وحدة العراق”، لافتاً الى أن “الدستور العراقي يعتمد على مبدأ الفصل بين السلطات حيث تتكون السلطات الاتحادية في العراق من السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية”.
وبين أن “السلطة القضائية تميزت بموجب الدستور باستقلال تام عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، وهذا الاستقلال بموجب المواد 89 و87 و88 من الدستور استقلال مؤسسي واستقلال فردي”، لافتاً الى أن “الاستقلال المؤسسي هو استقلال السلطة القضائية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، أما الاستقلال الفردي فهو استقلال القضاة في عملهم عن أي تأثير خارجي”.
وأكد أن “الاستقلال الذي تتميز به السلطة القضائية في العراق هو استقلال فريد قد لا يوجد مثيل له في جميع دول الشرق الأوسط”، وقد يتميز هذا الاستقلال عن استقلال القضاء في كثير من الدول الأوروبية”، موضحاً أن “الكثير من الدول العربية والأوروبية من يترأس القضاء هو وزير العدل، وبالتالي يعد ذلك جزءاً من الجانب التنفيذي، أما في العراق فإن استقلال القضاء تام عن السلطتين التنفيذية والتشريعية”.
وذكر أن “ما يتعلق في المحكمة الاتحادية العراقية العليا وبموجب المادة 92 هيئة قضائية مستقلة مالياً وإدارياً عن جميع السلطات، وبالتالي تمارس عملها وفق هذه الاستقلالية، ووفق الصلاحيات التي منحت لها بموجب المادة 93 من الدستور”، موضحاً أنه “من ضمن هذه الصلاحيات النظر في دستورية القوانين والأنظمة النافذة وفق ما جاء في البند أولاً من المادة 93 من الدستور”.
اتفاقية خور عبد الله
وبين أنه “في ما يتعلق بقرار المحكمة الاتحادية بشأن موضوع خور عبد الله، هو أن المحكمة رأت أن قانون التصديق على الاتفاقية مخالف لأحكام المادة 61 / رابعاً من دستور جمهورية العراق لعام 2005، وبالتالي هي قضت بعدم دستورية قانون التصديق على الاتفاقية، ولم تخوض في المجال الفني لهذه الاتفاقية، وإنما قضت بعدم دستورية الاتفاقية”، موضحاً أن “الدافع الرئيسي للحكم بعدم الدستورية أن البند رابعاً أوجب تنظيم عملية المصادقة على الاتفاقيات الدولية بقانون يسن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب”.
وبين أن “قانون تصديق الاتفاقيات والمعاهدات الدولية رقم 111 لسنة 1979 كان هو قانون ساري في ذات الوقت الذي صدقت فيها هذه الاتفاقية، ولكن سريان القانون لا يعني العمل به إذا كان مخالفاً للدستور”، لافتاً الى أنه “في حال كان هذا القانون مخالفاً للدستور يبقى سارياً، وفي حال الطعن به أمام المحكمة الاتحادية العليا ورأت المحكمة أن القانون مخالف للدستور تحكم بعدم دستوريته أو يتم إلغاؤه بعد تشريع قانون بديل عنه من قبل مجلس النواب”.
وأوضح أن “المحكمة وازنت بين دستورية القانون ومصلحة العراق في أنه عضو مؤسس وفعال في جامعة الدول العربية وملتزم بميثاقها”، لافتاً الى أنه “بموجب الدستور، فإن العراق ملتزم ببناء علاقات حسن الجوار بشكل جيد مع جميع الدول المجاورة”.
ولفت الى أن “هذه الاتفاقية ليس لها تأثير كبير في حسن الجوار، حيث إن العلاقات التاريخية بين العراق والدول المجاورة هي أكبر من ذلك”، موضحاً أن “لدى العراق مع الكويت علاقات تاريخية وقديمة سواء على الصعيد الشعبي أو على الصعيد الرسمي”.
وبين أن “نظام الحكم البائد دخل الكويت خلافاً لكل الأعراف الدولية والمواثيق وخلافاً لمبادئ حسن الجوار، وهذا لا يعني أن الشعب العراقي قد ارتكب الخطأ الذي ارتكبه النظام البائد، وإنما كان خطأ رأس النظام، وليس الشعب العراقي”، لافتاً الى أن “نظام الحكم في ذلك الوقت كان فردياً استبدادياً يرى أن الدولة تتجسد برأسها وهو رئيس الجمهورية في ذلك الوقت، وحوّل المواطنين من رعايا يعملون لمصلحة الدولة الى رعايا يعملون لمصلحة نظام الحكم في العراق”.
وذكر أنه “بعد 2003 أصبح الحكام والمحكومون في مرتبة واحدة تجاه القانون، وبالتالي أصبح الذين يحكمون العراق في الوقت الحاضر هم ليس بمنأى عن القانون، وإنما القانون يحاسب الحاكم والمحكوم عندما يرتكب الحاكم والمحكوم خطأ بحق الشعب والوطن أو خطأ يخالف القانون”، مشيراً الى أن “هذا النظام الديمقراطي الفريد في العراق استطاع منذ العام 2003 وحتى الآن أن يجتاز الكثير من العقبات، واستطاع أن يبني مؤسسات دستورية، ويرتكز على مبادئ ديمقراطية في بناء الدولة”، لافتاً الى أن “هناك سلبيات كثيرة، ولكن في الوقت الحاضر العراق وضعه أفضل من كثير من الدول المجاورة وغير المجاورة من حيث المستوى المعاشي للأفراد أو البناء المؤسساتي الديمقراطي”.
وأوضح: “قد يكون هناك فساد، ولكن الشعب العراقي يرفض كل قيم الفساد بفعل قيمه التاريخية العليا، فالعراق بلد عظيم، وتأتي من عظمة الشعب العراقي”، مؤكداً أن “95 بالمئة من الشعب العراقي رافضون للفساد، وهم ذو قيم ومبادئ عالية جداً”.
وذكر أنه “عند مقارنة المستوى المعيشي للشعب العراقي بالمستوى المعيشي قبل 2003 فهناك فرق كبير جداً”.
جهود القضاء للحد من الفساد
وأكد أن “هناك جهداً حكومياً كبيراً في القضاء على الفساد، وهناك جهد استثنائي كبير من قبل الجهاز القضائي العراقي للقضاء على الفساد”، موضحاً أن “لدى مجلس القضاء الأعلى خطة كبيرة جداً من خلال محاكم التحقيق المختصة بالنظر بقضايا الفساد، ومن خلال محاكم الجنح والجنايات المختصة بالنظر في قضايا الفساد من خلال اختيار قضاء أكفاء لهم باع طويل في القضاء، ويمتلكون خبرة كبيرة في مجال محاربة الفساد، ومع هذا الجهد الكبير فإن الشعب رافض لكل قيم الفساد، كون الشعب العراقي له مبادئ أخلاقية وسياسية واجتماعية ووطنية عالية، وهو شعب حي يمتلك روحاً وطنية عالية جداً”.
ولفت الى أن “هناك تقدماً في محاربة الفساد، وأن كان بطيئاً إلا أنه بخطوات ثابتة، وسينتج آثارها قريباً، ويلمس الشعب العراقي موضوع محاربة الفساد مثلما يلمس حالياً الدور الكبير الذي تقوم به جميع أجهزة الدولة في تقديم المشاريع الخدمية، وتحقيق الأمن والاستقرار في البلد”.
وأوضح أن “أغلب محافظات العراق تشهد حملة إعمار لم يشهدها العراق سابقاً، وهذا أملنا بالحكومة وأجهزة الدولة، وسوف يلمس الشعب العراقي نتائج كل ذلك”.
وأكد أن “المحكمة الاتحادية وبموجب اختصاصاتها الدستورية مراعاة المصلحة العليا للشعب والوطن وهي فرض عليها، وبالتالي المحكمة الاتحادية هدفها الأساس هو الحفاظ على وحدة الوطن، وعلى الحقوق والحريات العامة والدستورية للعراقيين، والحفاظ على بناء المؤسسات الديمقراطية بشكل صحيح، وأيضاً الحفاظ على تقيد جميع السلطات بحدود صلاحياتها الدستورية المرسومة بموجب الدستور”، لافتاً الى أن “مصلحة العراق باتجاهات متعددة، ولا تكمن باتجاه أو خط واحد، ونحن نسير باتجاه مصلحة الشعب”.
وبين أن “ترتيب تبعات مالية على العراق بشأن اتفاقية خور عبد الله فهو من اختصاص الحكومة، ونحن مع أي جهد أو عمل لمصلحة الشعب والعراق واستقرار البلاد وبناء علاقات طيبة مع كل دول الجوار”.