خاص //
بسم الله الرحمن الرحيم
(مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا)
صدق الله العلي العظيم
في يوم الشهيد العراقي (1 رجب)، نقف إجلالا وإكراما لدماء الشهادة الزكية التي خضبت أرض العراق، ونستذكر بفخر شهيد المحراب آية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم (قدس سره)، القائد الذي رفع لواء الجهاد ضد أعتى الأنظمة الديكتاتورية طغيانا واستبدادا وإجراما، وحمل المشروع الوطني للتغيير والتحرر بصبر وحكمة وإباء وتحدي لكل الظروف الصعبة والمعقدة، فكان محور تلاحم القوى الوطنية العراقية بكل مكوناتها واطيافها وتوجهاتها الفكرية، وخط مسار حراكها الخارجي والداخلي، وبلور المنهج الأساس لمشروع الدولة العراقية الجديدة بعد 2003م، برؤية عراقية خالصة، ونظرة سياسية ثاقبة تستلهم معطيات الواقع بكل تفاصيله، وتحدياته، وتعقيداته، وتطلعات أبناء الشعب العراقي بعد حقب الظلم والقهر والاستبداد.
لقد كانت دماء شهيد المحراب باكورة التضحيات الجسيمة الخالدة التي ظنت قوى الشر، أعداء العراق والانسانية، أن باغتياله ستئد المشروع الوطني للعراق الجديد، وتبقى جاثمة بظلمها على صدور أبنائه، غير أن إيماننا وكل العراقيين بنهجه، والثبات على مساره، والوفاء لدمه الطاهر وكل دماء الشهادة الزكية، ظلت هي روحية العمل السياسي الوطني ومنطلق مشروعنا نحو عراق مقتدر، ودولة كريمة عادلة، تحفظ سيادتها وتعز شعبها وتبني مستقبل أجيالها المشرق.
إن المجلس الأعلى الاسلامي العراقي إذ يجدد اليوم العهد مع شهيد المحراب (قدس سره)، والوفاء لدماء الشهداء الأبرار، يؤكد على أهمية المضي قدما في مشروعه من خلال تصحيح مسار العملية السياسية، بإعادة النظر ببعض السياسات الخاطئة التي ألحقت ضررا بمصالحنا الوطنية وزعزعت ثقة شعبنا، وعرضت البلد لحالة ارباك خطيرة.. ومن هنا يؤكد المجلس الأعلى على الضرورات التالية:
اولا: ان سيادة العراق كل لا يتجزأ، وأي تجاوز عليها، أو وجود عسكري غير قانوني من أي جهة خارجية كانت مرفوض بالمطلق ويجب العمل على إنهائه بكل الوسائل المشروعة.. ولا ينبغي اغفال أن المال والاقتصاد ركيزتان مهمتان للسيادة الوطنية وينبغي العمل على تحرير المال العراقي من الوصاية وبناء اقتصاد رصين يؤمن الشعب تأثير اي ازمات او سياسات خارجية، وينتقل بالبلد الى الريع غير النفطي ودعم المنتج الوطني.
ثانيا: يؤكد المجلس الاعلى على أهمية التوازن في العلاقات الخارجية وفق ثوابت وطنية تقوم على الاحترام المتبادل، والمصالح المشتركة، والانفتاح على دول العالم بقدر ما تبديه من احترام لسيادتنا، ورغبة لتنمية الشراكة والمصالح مع بلدنا، وما يعزز قوة العراق ومكانته الاقليمية والدولية.
ثالثا: أن الحكومة الحالية نالت ثقة قوى الاطار التنسيقي وبقية القوى السياسية من خلال برنامجها، وأنها ملزمة بتنفيذه، وان المجلس الأعلى داعم لها، وبنفس الوقت متابع ومراقب عن كثب لادائها ولن يسمح بأي اختلال قد يترتب عنه ظلم او حيف بأبناء شعبنا ومصالحه ومستوى معيشته، ويرى ان مسؤولية انجاح برنامج الحكومة يتحملها الجميع، خاصة في ظل الخطوات الايجابية الجادة التي أقدم عليها الأخ رئيس الوزراء.
رابعا: يؤكد المجلس الأعلى ان المصلحة الوطنية فوق كل المصالح الحزبية والفئوية، ولا سبيل لفرض الارادات بأي شكل من الأشكال، او ممارسة أي ضغوطات على الحكومة، وان الدستور والقانون هما الفيصل في اي خلافات، وان صناديق الاقتراع هي السبيل الوحيد للحكم، فالعراق بلد ديمقراطي والحكم للشعب.
خامسا: يرى المجلس الأعلى ان الفساد آفة مدمرة ألحقت أضرارا بالغة بالدولة ولا مناص من الشروع بمكافحته بحرب لا تقل ضراوة عن حرب داعش، وان ذلك يستوجب شجاعة وحزم في فرض سيادة القانون، ولا أحد فوقه مهما كانت صفته او مكانته، وتعزيز دور الأجهزة الرقابية، والحد من البيروقراطية، وتفعيل دور الرقابة الشعبية وفق سياقات منظمة، وتحمل مجلس النواب مسؤوليته كممثل عن الشعب في الرقابة والمتابعة والمساءلة لحماية ثروات الشعب ومصالحه وردع الفاسدين.
سادسا: يحذر المجلس الأعلى من خطورة الحرب الناعمة واستهداف عقائد وقيم المجتمع الأصيلة وتضليل شبابه بسلوكيات منحرفة، ويعد مواجهة ذلك مسؤولية مؤسساته التعليمية والثقافية والاعلامية بدرجة اولى، بجانب كل القوى السياسية والمدنية، واعتبار ذلك من أولويات الحفاظ على الهوية الوطنية العراقية.
سابعا: يقدر المجلس الاعلى عاليا روح التعاون والتفاهم والحوار الايجابي بين جميع المكونات الوطنية، ويأمل مزيدا من تضافر الجهود لتعزيز الامن والاستقرار، وتجاوز مخلفات الماضي، والانتقال الى مرحلة جديدة من البناء والنهوض بالواقع وخدمة أبناء شعبنا بوعي حقيقي بالمسؤولية الوطنية المناطة بالجميع.