بسم الله الرحمن الرحيم
“ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل احياء عند ربهم يرزقون”
تمر علينا الذكرى السنوية الثانية والأربعين لشهادة العالم الرباني والمرجع الديني الكبير آية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر “قدس الله نفسه الزكية” وأخته المجاهدة العلوية بنت الهدى رضوان الله تعالى عليها على يد الطغمة الصدامية المستبدة وذلك في يوم التاسع من شهر نيسان من عام ١٩٨٠.
وبهذه المناسبة الأليمة، نجدد الحزن والأسى على رحيل تلك الشخصية الفذة التي يندر وجودها، فقد مثل في كل محطات عمره الشريف النموذج الرائع للعالم الرباني المجاهد الزاهد ، والصابر القوي الذي وقف بوجه أعتى نظام قمعي دكتاتوري عرفه تأريخ العراق الحديث، وقدم كل ماعنده من أجل الإسلام وكرامة الأمة وعزتها، وضرب لنا مثلا رائعا في الصبر والتحمل والصمود بوجه المصاعب والضغوطات التي مورست عليه من قبل الطغمة الصدامية التي وصفها بالكابوس الجاثم على صدر العراق، وهو بلا شك المفجر الأول للثورة ضد حكم الطاغية صدام وتصدى للإفتاء بحرمة الانتساب الى حزب البعث المجرم، وأعلن ذلك على رؤوس الأشهاد غير مبال لما سيقدم عليه المجرمون، لذلك وقف صامدا ومتحديا وثائرا بوجه الطغاة ليختم حياته الشريفة بالشهادة ليلتحق بقافلة الشهداء مجسداً بذلك منهج الإمام الحسين عليه السلام في الثورة ضد الطغاة والمستبدين.
إن احياء ذكرى شهادة السيد الصدر، والتي تصادف مع يوم سقوط صنم بغداد، أمر في غاية الأهمية خصوصا في الظروف الراهنة التي يمر بها بلدنا العزيز، والتي تستدعي منا أن نكون في مستوى المسؤولية الدينية والوطنية، وأن نتحلى بالحرص والإخلاص الشديدين في معالجة الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد، وقضية تشكيل الحكومة الجديدة وفق السياقات الدستورية بعيدا عن المصالح الضيقة ومنهجية كسر الإرادات التي تشكل خطرا كبيرا على مستقبل النظام السياسي واستقرار البلاد.
وإن أية تسويف ومماطلة في حسم هذا الملف المهم سوف يعرض أمن البلاد الى مخاطر كبيرة خاصة وإن شعبنا يواجه منذ فترة تحديات كبيرة منها صحية ومنها اقتصادية ومنها أمنية تستلزم من الجميع استشعار هذه المخاطر والإسراع في الاتفاق على تشكيل الحكومة الخادمة للشعب والقادرة على تلبية مطالبه العادلة.
لقد طالبنا مرات عديدة، واليوم نجدد المطالبة بإعتبار شهادة السيد محمد باقر الصدر يوما وطنيا يحتفى به كل عام تخليدا لذكراه ولإنجازاته العظيمة للشعب العراقي وللعالم الإسلامي بأسره في مجالات الفكر والفلسفة والدين والعقيدة، وإن الأمم والشعوب الحية هي التي تخلد ذكرى عظمائها ومفكريها، وتستهدي وتسترشد بسيرتهم العطرة ومواقفهم الشجاعة، وانتاجاتهم الفكرية والعلمية.
إن شعبنا وشبابنا على وجه الخصوص مدعون للتعرف على شخصية الشهيد الصدر، فهو قد ترك لنا تراثا فكريا ثريا في مختلف جوانب المعرفة، وقد أرسى بحق مدرسة فكرية شاملة وجامعه ما أحوجنا اليوم الى الرجوع اليه، وجعلها منارا لنا وطريقا واضحا يقودنا الى التقدم والرفعة والتطور وبناء الذات وفقا لمبادئ وقواعد الدين الحنيف.
عهدا منا لك سيدنا يا ابا جعفر نحن على نهجك ماضون وبسيرتك متمسكون فجزاك الله خير الجزاء وطيب الله ثراك وثرى أختك المظلومة العلوية بنت الهدى وهنيئا لكما جنات الخلد مع خاتم الأنبياء والمرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين عليهم الصلاة والتسليم.
ونختم بالدعاء الخالص الى الله العلي القدير ونحن نعيش في ظل بركات شهر رمضان المعظم أن يصرف عن شعبنا وبلدنا وامتنا الإسلامية كل مكروه وبلاء إنه سميع الدعاء والحمد لله رب العالمين.
المجلس الأعلى الإسلامي العراقي
٧ شهر رمضان ١٤٤٣
٩ نيسان ٢٠٢٢