متابعات / تقارير سياسية
يستقبل العراقيون أعياد رأس السنة هذا العام بطعم الغلاء الفاحش وهزات السوق التي لا تريد أن تستقر على أرض مستوية، تلك الخشية من دخول عام جديد بسعر خيالي للدولار قد يفجر أزمة تترقبها واشنطن لحرق البلاد كما فعلت قبل أعوام، لكن المشكلة المستديمة والأكثر خرابا تحكم البنك الفيدرالي الامريكي بأموال العراق التي يستحصلها من مبيعات النفط واستخدامها كورقة ضغط متى ما تطلب الامر خوض صراع جديد. وتشتغل واشنطن من خلال سفارتها في بغداد على حرف مسار السياسة في البلاد والتحكم بخيوط الساحة التي سرعان ما تفجرها عن طريق جيوشها وعملائها كما حصل في العام الفين وتسعة عشر.
ويعتقد مدافعون عن سياسة البنك المركزي “المسؤول الأول عن بيع العملة الأجنبية ومسار حركتها في البلاد”، أن ما يثار حيال الدولار تنفخ في بوقه تغريدات صفراء مسمومة خالية من الحرص على الاقتصاد الوطني.
ويقول مستشار رابطة المصارف الخاصة العراقية سمير النصيري أنه ”ليس من واجب البنك المركزي أن يضبط المنافذ الحدودية وضبط النظام الجمركي ولا متابعة ورقابة المضاربين
في سوق العملة ولا هو مسؤول عن عدم وجود إنتاج محلي يغطي حاجات المواطنين، لكنه لم يعلق على الأسباب الحقيقية وراء كارثة الصعود المستمر وانعدام رؤية حقيقية للمعالجة”.
تلك التبريرات لا تصمد كثيرا أمام معرفة الحقائق المتعلقة بالضغط الأمريكي الذي يلوح بورقة الدولار لإضعاف الجبهة الداخلية العراقية لتحقيق مكاسب كانت قد خسرتها واشنطن بفعل عنصر المقاومة والتركة الثقيلة التي خلفها الاحتلال في البلاد.
وقريبا من الأصابع التي تتهم أمريكا بمحاولات تدمير السوق العراقية، يؤكد النائب المستقل مصطفى سند، أن “تراكم احتياطي العملة الاجنبية في البنك المركزي العراقي والمودع لدى الفيدرالي الامريكي والذي سيتجاوز 100 مليار دولار وبتصاعد مستمر، تقابله صعوبة من قبل العراق في التصرف بهذا الرقم الكبير، منوها الى ان “أمريكا سمحت بخمس شحنات شهريا للدخول إلى البلد”. ويدرك سياسيون مدى خطورة التفاهم مع الامريكان إزاء الخلاص من قيود تفرضها للتحكم بمصائر العراقيين، لكن نوابا في البرلمان يعتقدون أن الحل في المواجهة والإصرار على العمل بقانون إخراج القوات الامريكية من البلاد لتوجيه صفعة جديدة للاحتلال الذي يمارس الابتزاز طيلة العقدين من الزمن، ورقة بالإمكان استخدامها للرد. ووجه 65 من أعضاء مجلس النواب طلبا إلى رئاسة المجلس لعقد جلسة نيابية خاصة لبحث مسألة تراجع سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار الأمريكي، ويقول أحد النواب القائمين على الطلب إن معلومات متوفرة لديهم تشير إلى أن تهريب الدولار هو المتسبب في هذا التغير في سعر الصرف. وكثيرا ما قلبت فصائل المقاومة المعادلة تماما وأرجعت واشنطن الى مربعها الذي تحاول أن تتجاوز خطوطه الحمراء في أكثر من واقعة وموقف شهدتها الساحة السياسية، وهو الرادع الأول والأمثل الذي يرى فيه عراقيون “الكفة القادرة على تأديب الاحتلال “. ويبين الباحث في الشأن السياسي محمود الهاشمي، أن العراق يمتلك الكثير من وسائل التأثير على تحركات واشنطن المشبوهة وفي مقدمتها التلاعب في سوق الدولار”.
ويوضح الهاشمي في تصريح أن “محاولات الامريكان التأثير على الحكومة باستحصال بعض الملفات التي لا تخدم العراق والعراقيين ستصطدم بتكتيكات فصائل المقاومة التي لا تزال
تشتغل على إنهاء وجود الاحتلال على الأرض، مشيرا الى أن إدارة واشنطن تعي جيدا ضربات المقاومة ومدى تأثيرها في متغيرات الداخل”.