موقع isci // متابعات دولية
سلط الاعلام العالمي الضوء على القرار الذي تبناه اليوم مجلس الامن الدولي والذي يدعو الى وقف اطلاق النار خلال شهر رمضان تمهيدا لارساء وقف تام ومستدام للحرب العدوانية الصهيونية على الشعب الفلسطيني في غزة .
صحيفة الغارديان نشرت مقالة تحليلية لمحررها الدبلوماسي باتريك وينتور تحت هذه العناوين البارزة:
* تصويت مجلس الامن لحظة مهمة ، لكن الولايات المتحدة تقول ان سياستها بشأن غزة لم تتغير
* قرار امريكا بعدم استخدام الفيتو هو اعتراف بفشلها في قيادة جدول اعمال الامم المتحدة بشأن غزة
يفتتح الكاتب مقالته بالقول ” تتمتع الدبلوماسية في بعض الاحيان بالقدرة على المفاجأة ، وعندما تفعل ذلك فإنها غالبا ما تنذر بتحول عميق في المشهد ”
ويقول الكاتب ” قليلون هم الذين شهدوا نهاية الاسبوع تغيرا كبيرا ، بحيث يتمكن مجلس الامن الدولي التابع للامم المتحدة من وضع خمسة اشهر من الانقسام بشأن غزة جانبا ، والاتفاق على شروط وقف فوري لاطلاق النار ، ولكن يوم الاثنين هذا هو بالضبط ما حدث ، والى حد كبير بسبب بعض الاقناع الدبلوماسي البريطاني ، وتغيير كبير في الرأي الامريكي ”
ويضيف ” ونتيجة لذلك ، فإن الولايات المتحدة لم تستخدم الفيتو ضد القرار الذي يدعو الى وقف فوري لاطلاق النار في غزة ”
ويرى الكاتب ” انه من السابق لاوانه تحديد الفرق العملي الذي سيحدثه القرار على الارض في رفح وخان يونس ، ولكن اذا حكمنا على رد الفعل الاسرائيلي الغاضب ، وصرخات الخيانة الامريكية ، فإن هذا الامر يتعلق بأكثر من مجرد بضع كلمات في نص قرار للامم المتحدة ، فهو يمثل لحظة اخرى في الابتعاد الدبلوماسي الامريكي المؤلم تقريبا عن حليف الولايات المتحدة الرئيسي في الشرق الاوسط ”
ويشير الى ان التضاريس كانت مختلفة تماما قبل اسبوعين ، حيث بدأت الولايات المتحدة في المقر الرئيسي لمنظمة الامم المتحدة في نيويورك جهودا منسقة لاعادة تأكيد دورها القيادي الدبلوماسي بشأن غزة . وشعرت بأنها تعرضت للضغط ، فاستخدمت حق النقض ثلاث مرات ضد قرارات وقف اطلاق النار ، و ارادت ان تظهر انها قادرة على صياغة سياسة ايجابية بشأن غزة بدلا من الاكتفاء بدور المعقل الدبلوماسي الاخير لإسرائيل.
ويضيف قائلا ” لكن هذه الخطة انهارت يوم الجمعه الماضي عندما استخدمت روسيا والصين حق النقض الفيتو ضد مشروع القرار الذي قدمته ورفضته الجزائر ، وقد تم وصف مسودة القرار الاميركي على نطاق واسع في وسائل الاعلام على انها تدعم وقفا فوريا لاطلاق النار ، لكن أي فحص دقيق للنص الاميركي الملتوي أظهر ان المشاعر كانت أكثر تعقيدا ، وقالت ان وقف اطلاق النار يجب أن يكون مرتبطا بالافراج عن جميع الرهائن ، مما يجعلها دعوة مشروطة ”
وبمضي كاتب المقالة قائلا انه في نفس الوقت ، فقد تم توزيع مسودة مشروع قرار منافس أقصر بكثير وأقل مشروطية من قبل الاعضاء غير الدائمين في مجلس الامن ، ومن بينهم العديد من حلفاء الولايات المتحدة. ويقول وعندما تم استخدام الفيتو من قبل روسيا ضد نص القرار الاميركي ، كان من المفترض ان تستخدم الولايات المتحدة الفيتو ضد نص القرار البديل .
ويضيف وخلال عطلة نهاية الاسبوع ، ضغط الدبلوماسيون الامريكيون بقوة من أجل ربط الدعوة لوقف اطلاق النار في مسودة القرار بالافراج عن الرهائن ، لكن الاعضاء غير الدائمين تمسكوا بموقفهم واصروا على انه على الرغم من ان اطلاق سراح الرهائن ووقف اطلاق النار ضروريان ، الا انه لا يمكن ربطهما لأن ذلك سيوفر لإسرائيل مبررا لمواصلة حملتها العسكرية في غزة على اساس ان حماس لم توافق على شروط الاتفاق ، وهي اطلاق سراح جميع الرهائن.
ويقول الكاتب ان الاولوية القصوى ينبغي ان تكون انقاذ المدنيين في شمال غزة من مجاعة وشيكة ، كما ينبغي انقاذ المشردين في جنوب القطاع من التهديد الاسرائيلي باقتحام رفح بالقوات البرية .
ويرى الكاتب ان الولايات المتحدة واجهت خيارا صعبا ، خاصة وان حليفها الاقرب بريطانيا لم تكن مستعدة للامتناع عن التصويت. وان وزير الخارجية ديفيد كاميرون لم يعد باستطاعته ان يخفي غضبه من مراوغة إسرائيل بخصوص توفير المساعدات الانسانية. وهكذا وفي نهاية المطاف ، اعترفت الولايات المتحدة ان جهودها قد فشلت في الاستحواذ على اجندة الامم المتحدة الخاصة بغزة ، واعترفت بدلا من ذلك بالمزاح الاوسع في الامم المتحدة .
ويشير الكاتب الى ان التصفيق في مجلس الامن بعد صدور القرار كان بمثابة الشعور الكبير بالارتياح ، إذ أعاد للبعض اللحظة التي القى فيها وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دي فاليبان خطابه المذهل ضد حرب العراق في عام ٢٠٠٣ .
ويقول ان إسرائيل قد شعرت بالفعل بالطريقة التي تهب بها الرياح بين حلفائها الغربيين ، لكنها ليست في مزاج يسمح لها بوقف القتال حتى يتم سحق حماس بالكامل . ويضيف ان الشعور بالتخلي عن إسرائيل سيكون حادا الآن ، لكنه قد لايكون كافيا لردعها عن اختبار التصميم الامريكي من خلال المضي قدما بمفردها ، ومهما كان حجم التعاطف الذي تحتفظ به إسرائيل في التصويت ، فهو يمثل لحظة مهمة في كيفية رؤية العالم لسلوكها في هذه الحرب.
ويختتم الكاتب مقالته بالقول وليس هناك ما يشير الى ان بايدن يريد استخدام التصويت كنقطة انطلاق لمواجهة نتانياهو. وفي مواجهة اتهامات الجمهوريين والاسرائيليين له بالخيانة ، حاولت ادارة بايدن بدلا من ذلك التقليل من اهمية التصويت قائلة ان امتناع الولايات المتحدة عن التصويت لا يمثل تغييرا في السياسة ملمحة الى ان الاشارات الى وقف اطلاق النار والرهائن موجودة في جملة واحدة .
كما ان الدبلوماسيون في ادارة بايدن يزعمون ايضا وبشكل مدهش على ان القرار غير ملزم-وهو حكم لا يشاركهم فيه البريطانيون الذين يقولون انه يجب تنفيذه على الفور . وهذا يشير بشكل واضح ويؤكد على مدى ضآلة سيطرة الولايات المتحدة على الاحداث.