موقع isci //
امام عدد كبير من المسؤولين الحكوميين وسفراء الدول الإسلامية وضيوف مؤتمر الوحدة الاسلامية الذي استضافته طهران مؤخرا، قال قائد الثورة الاسلامية سماحة السيد على خامنئي، ان “موقف الجمهورية الإسلامية الثابت هو أن الدول التي تراهن على التطبيع مع “إسرائيل” ستخسر. إنها تراهن على حصان خاسر”.
الرسالة التي اراد قائد الثورة الاسلامية، ايصالها من خلال اغتنام فرصة تجمع هذا العدد الكبير من علماء الامة في مكان واحد، هي التاكيد على موقف ايران الثابت والمبدئي من تطبيع بعض الدول العربية مع الكيان الاسرائيلي، وكذلك تحميل علماء الامة مسؤولية التحذير من المؤامرة التي تقودها امريكا، من اجل انقاذ الكيان الاسرائيلي، الذي يمر بظروف صعبة تهدد وجوده في كل لحظة، فهي يعيش انقسام عمودي وافقي، ويتعرض لتهديدات جدية من محور المقاومة، وخاصة من قبل الشعب الفلسطيني، كما بات منبوذا، حتى من اقرب حلفائه، على خلفية الحكومة التي تقوده، والمؤلفة من مجموعة من الارهابيين والعنصريين والمتطرفين.
ما ذهب اليه قائد الثورة الاسلامية في وصف حال التطبيع العربي مع الكيان الاسرائيلي المهزوز، هو ابلغ وصف يمكن تصوره، فالتطبيع هو “مقامرة” بكل ما لهذه الكلمة من معنى، فهو يأتي في الوقت الذي تمددت فيه المقاومة من غزة الى القدس، والى الضفة الغربية، والى جميع اراضي الفلسطينية المحتلة، وبات هذا الكيان يحسب الف حساب قبل ان يفكر بالعدوان على غزة، اما العدوان على لبنان فاصبح في خانة المستحيل، فهذا الكيان بات عاجزا عن ازالة خيمة نصبه حزب الله على الحدود، ويتوسل امريكا والغرب، للتوسط له مع لبنان لازالتها ، لحفظ ماء وجه الجيش الذي كان يوما ما “لا يقهر”.
ان الكيان الذي بات عاجزا عن حماية نفسه امام المقاومة، كيف يمكن ان يحمي بعض الانظمة العربية؟، رغم انه لم يُعرف لحد الان ما هو الخطر الذي يتهدد هذه الانظمة لترتمي في احضان كيان قائم على الاحتلال والاغتصاب والاجرام والقتل والعدوان؟!.
جميع الدلائل تشير الى ان الضغوط التي تمارسها امريكا على الانظمة العربية للتطبيع مع الكيان الاسرائيلي، هدفها تحقيق هدفين لا ثالث لهما، الاول انقاذ “اسرائيل” من مصيرها المحتوم وهو الزوال، والهدف الثاني تحقيق انجاز سياسي للرئيس الامريكي جو بايدن، لاستخدامه في الانتخابات الرئاسية القادمة، بعد خلا سجله من اي انجاز مهم، لا الصعيد الداخلي ولا على الصعيد الخارجي.
اما الانظمة العربية، التي طبعت مؤخرا مع الكيان الاسرائيلي، والتي تريد التطبيع الان، هي الخاسر الاكبر من الاعيب امريكا، فهذه الانظمة هي انظمة غنية، ولا حاجة لها لاقامة علاقات مع نظام ارهابي يغتصب المقدسات الاسلامية والعربية، ويقتل الفلسطينيين بدم بارد، كما انها لم تنخرط في اي حرب مع الكيان الاسرائيلي، الا انها استُخدمت من قبل امريكا كطوق نجاة ، تم القاءه الى الكيان الغارق في بحار من الازمات التي لا تعد ولا تحصى. كل ذلك في مقابل كذبة تضحك الثكلى، روجت لها امريكا على مدى عقود، وهي حماية هذه الانظمة من خطر وهمي غير موجود، وهو “الخطر الايراني”، وهو خطر لم يُعثر له على اثر على ارض الواقع، الا انه تم دسه في العقول الصغيرة والحاقدة والمريضة.
اذا كانت ايران تريد ايذاء جيرانها حقا، لفعلت ذلك انتقاما، لوقوفهم الى جانب دكتاتور مجرم مستبد، شن عدوانا على ايران على مدى ثماني سنوات، وكانت قادرة على ان تنتقم، الا انها عملت بمبدأ عفا الله عما سلف، ومدت يد الاخوة الى جيرانها وفتحت معهم صفحة جديدة، بعيدا عن البغضاء والاحقاد، بينما الطاغية صدام وبعد عامين من انتهاء الحرب ، لم يرحم حتى من موّل حربه بالمال والسلاح وجميع انواع الدعم، فاحتل الكويت وهدد السعودية.
على الدول العربية التي طبعت حديثا مع الكيان الاسرائيلي، والتي تريد التطبيع معه مستقبلا، ان تتعظ من كوارث التطبيع لمن سبقوهم، فهذا الكيان، لم ولن يؤمن جانبه مطلقا، فهو مجبول على الغدر، ولم ولن ينظر يوما الى العرب نظرة احترام مهما كانت الظروف، وسيثبت المستقبل القريب، صوابية ما قال قائد الثورة الاسلامية، عن خسارة كل من طبع مع هذا الكيان المتزلزل المنهار.